الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

البانتومايم أو فن التمثيل الإيمائي

ما هو البانتومايم ؟؟؟ ...................... يعود أصل كلمة بانتوميم الى اللغة الإغريقية،وهي مشتقة من كلمتين:(Panto) وتعني كل شيء و(Mimeomai) وتعني أقلِّد،ومن مجموع هاتين الكلمتين انبثق مصطلح البانتوميم أو فن التمثيل الإيمائي الذي يعني فن التقليد أو فن المحاكاة لكل ما تحتويه الحياة.إن الفنون كلها-كما هو معلوم- وليدة طموحات الناس لينقلوا ما يحيط بهم من أشياء وظواهر،وهذا الكلام ينطبق على المراحل المبكرة من تطور الفنون ومن المؤكد أنه في تلك المراحل المبكرة بالذات كان يُطلق اسم بانتوميم على المَشاهد الراقصة الصامتة والحركات والأفعال والإيماءات التي كانت كلها تجسِّد الحياة الروحية لتلك الشعوب القديمة عندما تريد أن تعبِّر عن سعادتها بعد انتصارها في المعركة،أو عودتها من صيد وفير،أو احتفالها بزفاف أو قيامها بالطقوس الدينية.وفي وقت متأخر عندما تطور العقل البشري والحسِّ الجمالي،وأخذ فنانو البانتوميم يراقبون ويجسدون السلوك المميز لفئات من الناس من تجار وجنود وفلاحين ورهبان..الخ..عندئذ تجاوز هذا الفن المفهوم البدائي لهذه الكلمة ووصل الى درجة أرقى،واكتسبت كلمة بانتوميم مفهوماً فكرياً جديداً. ولكن أهم تطور حدث في المفهوم الفكري لفن البانتوميم هو ما جرى في القرن العشرين،حيث توفرت للفنان مواد جديدة جعلته أكثر تفاعلاً وإبداعاً وتحليلاً ودراسة،وبالتالي أغنتْ تجربته وأثَّرتْ على إبداعه في تجسيد الشخصية التي يمثلها. مراحل تطوره: لقد مرَّ فن البانتوميم خلال تطوره التاريخي بثلاث مراحل: المرحلة الأولى هي مرحلة التقليد،والثانية هي مرحلة التعميم،والثالثة هي المرحلة المنهجية التي لها مدارسها ومذاهبها...وفي الحقيقة،أن هذا التقسيم التاريخي الى مراحل إنما هو إجراء شرطي لا يمكن أن يحدث خارج إطار القواعد العامة التي يخضع لها كل فن،وسيساعدنا هذا التقسيم على فهم أن البانتوميم ليس كفنٍّ جامد (مُقولَب) وصل إلينا عبر القرون،بل كفنٍّ نستطيع أن ندرك حركته الداخلية من خلال تطوره،ومن خلال الإضافات الجديدة التي طرأت على المفاهيم القديمة في الشكل والمضمون. إن كل فن يعتبر مستقلاً بذاته عندما تتوفر له وسيلته التعبيرية الخاصة به،فالدراما مثلاً وسيلتها الكلمة،والأوبرا وسيلتها الغناء،والباليه وسيلته الرقص والألحان،والرسم وسيلته الخطوط والألوان،والموسيقى وسيلتها الأنغام،فما هي خصائص الوسائل التعبيرية لفن البانتوميم؟وما الذي جعلنا نُعدِّه فناً مستقلاً؟ وما هو فن البانتومايم؟ هذا التعريف صحيح،ولكنه ليس كاملاً،إذ أننا عندما نوافق على أن الحركة والإشارة هما وسيلتان تعبيريتان أساسيتان في فن البانتوميم فإننا ندرك أن هاتين الوسيلتين تدخلان أيضاً في إطار فنون أخرى مثل فنّ الباليه وفنّ الدراما. فن الدراما: إن البانتوميم يقترب من فنِّ الدراما بدلائل أخرى مثل خضوع كل منهما لقوانين فنِّ التمثيل من ناحيةِ منهج بناء الشخصية والتأثير على مشاعر وعواطف المشاهدين. أطلق الإغريق اسم "البانتوميم" على ذلك النوع من العروض الفنية التي تتم فقط عن طريق الأفعال الجسدية والإشارات والإيماءات التي يقوم بها الممثلون ويعبرون بها عن شخصية الأبطال مجسدين بها فكرة المؤلف،وأما اليوم فما يضيفه الباحثون المعاصرون هو أنه علينا أن نفهم ذلك الفعل الصامت الذي يتجسَّد عن طريق الحركات الرشيقة والذي كان أساساً للفن الدرامي. إن الصمت أيضاً يدخل ضمن فنّ الباليه،كما أن الإشارة والحركة هما وسيلتان تعبيريتان أساسيتان في فن الباليه،ولكن الاختلاف بين فن الباليه والبانتوميم هو أنَّ تصميم الرقص لكل عرض من عروض الباليه يدخل في إطار تأليف موسيقي محدَّد،فالباليه لا يمكن أنْ يوجد خارج الإطار الموسيقي وبلا حركات انسيابية تنسجم مع الموسيقى،أما في فن البانتوميم فغالباً ما تغيب الموسيقى عن العرض،وإنْ استُخدمت فلها دور المساعد. كما أنَّ لكلٍّ من فن البانتوميم وفن الباليه خصائصه ولغته وأسلوبه،وكثيراً ما يظهر التباين في أسلوب كل منهما،وعلى الرغم من أنَّ لكلٍّ منهما خصائصه إلاّ أنَّ كليهما يجسِّدان الحركة المستمدة من الحياة الواقعية. يدخل فن البانتوميم ضمن عروض الباليه والعروض الدرامية،ويقوم فيهما بدور المساعد، ففي عروض الباليه يساعد على فهم الموضوع وتطوره،وعلى ربط مَشاهد الرقص والتأكيد على القيم الفكرية،أمَّا في العروض الدرامية،حيث تفهم أحداث الموضوع من خلال الحوار،فانه يساهم في التعبير عن مشاعر الأبطال وحالاتهم النفسية مجسِّداً ذلك في شخصية حية. إنَّ هذه المقارنة لا تعني تقسيماً شكلياً لتلك الفنون،بل لتوضيح حدودها،لأنه عندما يدخل فن من الفنون في دائرة فن آخر فمن الطبيعي أنْ تتقلَّص قدرته الإبداعية،وهكذا نرى أنَّ فنَّ البانتوميم هو فنٌّ قائم بذاته، أمَّا عندما يستخدم في عروض فنية أخرى فانه يقوم بدور المساعد. الرمزية الشرطية: ومن خصائص فن البانتوميم "الشخصية" التي تتجسَّد عن طريق الرمزية الشرطية،فممثلو فن البانتوميم يقومون بأدوارهم دون أن ينطقوا بكلمة واحدة..إن لغتهم هي الإشارات والحركات ورشاقة الجسد وليونته..كل شيء على خشبة المسرح شرطيٌّ عدا الممثلين الحقيقيين،وعلى الرغم من ذلك فان المشاهدين ينجذبون لتلك الحركات الصامتة ويتابعون أفعال الشخصيات باهتمام شديد ويشعرون بسعادة خاصة وذلك بفضل الحركات الدقيقة للحياة المتخيلة والتي يحولها المُشاهد الى واقع ملموس بمشاركته وتفاعله مع العروض.هذا وإن أهمية فن البانتوميم تكمن في المواقف التي تتطور في ظروف شرطية واستخدام وسائل تعبيرية شرطية،وهكذا يستطيع أن يخترق الزمان والمكان بحرية دون حدود،وهذه الخاصية لفن البانتوميم إنما تؤكد ثقته الكبرى بالخيال الإبداعي لجمهور المشاهدين..وثمة تفاهم مسبق بين خشبة المسرح وصالة المتفرجين حول قوانين وشروط اللعبة في هذا النوع من فن التمثيل الإيمائي،فهناك عملية إبداعية مشتركة تتم بين الطرفين،وهذه العملية الإبداعية المشتركة إنما هي احد الأسباب التي تجعل تأثيره قوياً على الجمهور. إذا ألقينا نظرة على تاريخ فن البانتوميم نرى أنَّ هذا الفنَّ كان فنَّاً شعبياً ومزدهراً،يلعب دوراً هاماً في الألعاب والرقص والاحتفالات الشعبية،فهو فنٌّ مفهوم من قبل جميع الأفراد دون النظر الى مستواهم الثقافي أو التعليمي أو الانتماء السياسي. ومهما كان مستوى المتفرج في فن البانتوميم،حتى وإن كان متفرجاً عادياً جاء ليشاهد العرض بغية التسلية فقط،فانه سيخرج بأفكار ومشاعر جديدة أغنِيتْ بالمعارف عن حياة النفس البشرية. وأخيراً فإن فن البانتوميم هو تصوير خيالي يستطيع بخصائصه التعبيرية عن الحياة أن يوقِظ اللَّذة الجمالية لدى المُشاهد ويحرِّضه على التفكير العميق. ............................................................................................. فن البانتومايم
فن البانتومايم........!!!!!!!!!!! حينما تعجز لغة الكلام عن توصيل معنى معين او مفردة غير متداولة حينذاك تبرز لنا لغة جديدة ذات مساحة واسعة جدا تصل الى حد توحيد لغات العالم كما هي الموسيقى واللوحة التشكيلية.. انها لغة الجسد او فن البانتومايم (pantomime) وتمتد جذور مسرح البانتومايم عميقا في التاريخ ففي العصر الروماني كان لفظ ال«بانتومايم» يطلق على الممثل المسرحي الذي يقوم بتمثيل قصة اسطورية عن طريق الحركات والايماءات الجسدية فقط دون اللجوء الى الكلام او الحوار التقليدي، ويعد الراقص الاسطوري اليوناني «تليست» هو اول ممثل لفن البانتومايم حيث عمل مع الكاتب المسرحي اشحيليوس في مسرحية «سبعة ضد طيبة» ولا يمكن اغفال الدور المهم للمثل الكبير «لوسيان سوماستا» للمدة من «۱۲۵-۱۹۰م» وبالرغم من العمق التاريخي لهذا الفن الا ان مساحة تطبيقه في العالم كانت ضيقة اذا ما قيست بالمسرح التقليدي او الفنون الاخرى، وتبقى الفرق الفرنسية واليابانية والصينية هي الابرز في هذا المجال ويبقى الممثل الفرنسي الكبير «مارسيل مارسو» هو الابرز والافضل في هذا الاختصاص الصعب لكونه يمتلك قدرة بدنية وجسدية عالية جدا ويمتلك مطاطية بلاستيكية لافتة كأن جسده خاليا من العظام تماما، هذا بالاضافة الا ما يمتلكه من خيال خصب يعينه كثيرا على رسم الاحداث واستطاع هذا الممثل الكبير ان يعطي الكثير لفن «البانتومايم» وخرج من مدرسته مجموعة رائعة من الممثلين البارزين ولعل اشهرهم الممثل «آميل» الذي تخصص في تمثيل اللوحات المسرحية المستقلة او المشاهد المسرحية القصيرة فمثل حركة الشمبازي وحركة الضفدعة بارجلها الطويلة وحركة الافعى المتمايلة وحركات بعض الطيور التي تمتلك مرونة جسدية. اما في العراق فظلت تجربة «البانتومايم» محصورة جدا ولا تتعدى بعض المحاولات الفردية الجادة ففي فترة السبعينات استطاع الفنان جاسم العبودي ان يطور ويوسع قليلا من دائرة هذا الفن الا ان المحاولات ظلت خجولة في هذا الفن وبرزت بعض الطاقات المتميزة ولعل اهمها هو الفنان الراحل محسن الشيخ الذي برز في نهاية الثمانينات حيث كان يمتلك قدرات جيدة في هذا المجال واستطاع ان يقدم العديد من الاعمال التلفزيونية «التعليمية» والمسرحية ومن اهم هذه الاعمال مسرحية «محاولة القبض على الصدفة» مع الفنانة سهير أياد التي كانت سعيدة جدا للعمل مع الشيخ لمعرفتها المسبقة بامكانياته الاخراجية فقد كان مراقبا دقيقا لنحت الجسد وتعبيرات الوجه وله فهم وادراك وحس عميق، وخلال هذه الفترة كانت تبرز بعض الاسماء الشابة ولكن على صعيد ضيق، وفي نهاية السبعينات برزت بشكل كبير مجموعة الفنان التشكيلي والمسرحي عماد نافع الذي استطاع ان يترك بصمة جيدة في الحركتين التشكيلية والمسرحية بعد عرضه لتجربة «الفضاء السابع» التي تنتمي لل«مستشكيل» استطاع نافع ان يحرر شخوص لوحاته التشكيلية التي تحولت الى ابطال مسرحية درامية تؤدي مشاهد مسرحيته مكملة الى فكرة اللوحة الزيتية الام هذه التجربة اعتبرت الاولى على الصعيد العربي والعالمي هذا ما اكده خبراء التشكيل والمسرح ولعل من اهم الاراء التي قيلت في هذه التجربة كانت للفنان والناقد العالمي «عز الدين نجيب» الذي قال: ابهرتني هذه التجربة الابداعية المدهشة للفنان الرائع عماد نافع وهي تنقلني عبر فضاءاتها العشر «وان اتخذت عنوان الفضاء السابع» الى رؤى اسطورية تصب في صميم الملحمة الانسانية والصراع الابدي بين الخير والشر، والاضافة الخلاقة هي ادخال اللوحة التشكيلية كبطل مسرحي يتكامل مع الابطال البشر بلغة الجسد، انها حالة من التحرر من كافة القيود، وامتلاك الحلم لتغيير الواقع وفهم فريق نافع مجموعة مهمة من المبدعين الشباب وفي المقدمة منهم الفنان حازم الحربي الذي استطاع ان يجسد دور الشر بشكل لافت مع زميله الفنان احمد عبد الجبار بالاضافة الى لمسات التشكيليتين الشقيقتين زينب واسماء بكر والمبدعون مسار عباس واياد نافع وربيع الشطري وايناس ويحسب للفنان عماد نافع تواصله الحقيقي في هذا المجال اذا استطاع ان ينظم ورشتين عمل مسرحي لفن البانتومايم ضمت الورشة الاولى «۶۰» شابا ومن الجنسين واغلبهم جاؤوا من خارج الوسط الفني واستطاعوا بعد تخرجهم من الورشة ان يكونوا مشاريع فنية واعدة. واستطاع الفنان طلعت السماوي ان يحقق له حضورا طيبا في مجال البانتومايم على صعيد التأليف والاخراج والتمثيل ولعل عمله «يعد الطوفان ۲۰۰۳» الذي عرض نهاية «۲۰۰۴» على قاعة المسرح الوطني خير شاهد على ما نقول اذا استطاع ان يوظف الصليب كاشارة للمقابر الجماعية التي طالت جميع شرائح المجتمع العراقي دون استثناء.. وتبقى هذه المحاولات رغم قلتها تشكل بداية انطلاقة حقيقية سيكون لها شأن مؤثر في الحركة المسرحية العالمية في المستقبل القريب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق