المسرح التجريبي
بدأ المسرح كشكل طقسي في المجتمع البدائي ، وقام الإنسان الذي انبهر بمحيطه بترجمة الطقس إلى أسطورة ، ولتكون الصورة هي مقدمة للفكرة التي ولفت آلية الحراك العفوي للأداء الوظيفي للجسد ( غريزي ) ، ثم الانتقال بهذا الحراك إلى محاولة التحكم به عبر أداء طقوس دينية ( سجود ، ركوع ، تأمل .. ) أو فنية ( الرقص في المناسبات والأعياد ..) أي ولادة حركات تمثيلية أداها الإنسان للخروج عن مألوفه ..
إذن منذ البداية كان الجسد عبر الحركة معملا لتوليد إشارات وأفكار التقطها فيما بعد الإغريق وأسسوا مسرحهم التراجيدي لنقل أنشطتهم ( زراعة ، بناء ، بحث، حروب ، وأفكار..) إلى فرجة عبر المسرح ، ومنذ ذلك الحين والمسرح يشكل عنصرا فنيا أساسيا في المجتمع ، ويرصد جوانب مختلفة للحياته ، ومع كل مرحلة جديدة نجد أن المسرح يواكب تغيراتها وفق رؤى غير تقليدية ، و تبعا للشرط ( الزمكاني ) شهد هذه الفن قدرة كبيرة على التجدد من المسرح التراجيدي إلى الواقعي واللامعقول ومسرح الغضب ، والسياسي ، والاستعراضي ، والاحتفالي ، والآن التجريبي :
ظهور المسرح التجريبي :
في كل مرحلة من مراحل تطور المسرح تحمل بدون شك بعدا تجريبياً تتمثل إشكاليات تلك المرحلة وتعبر عن ظروفها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ..
جاء المسرح التجريبي ليؤكد قدرة المسرح على هضم التجارب السابقة وإعادة صياغتها وفق نهج جديد يتماشى والتطورات الهائلة التي تحدث ، والخروج من العلبة الإيطالية إلى الفضاء المفتوح ، وتناول عناصر العرض المسرحي التي وضعها ستانسلافسكي ( التكامل والتوازن بين الكاتب والمخرج والممثل والجمهور) بطرق مختلفة تماما ..
وبما أن أهم سمة لعالمنا المعاصر هي التحولات المعرفية والتي هدمت كثيرا من الحواجز و كانت مقدمة لولادة القرية المعرفية الكونية ، فجاء المسرح التجريبي ليواكب هذه التغيرات ،
و تزامنت ولادته في العالم كله دفعة واحدة تقريبا ، خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين ، لم يحمل شرف ولادته اسما محددا كمسرح اللامعقول على يد يوجين يونسكو وصموئيل بيكت وفرناندوا أرابال .. هو مسرح الكل بامتياز أوربي – عربي – أمريكي.. الكل ساهم ويساهم في تطويره ووضع خصائصه ..
خصائص المسرح التجريبي :
يمتاز المسرح التجريبي بتجاوزه لكل ما هو معلب ومألوف وسائد ومتوارث و الإيتان بالجديد واختراق الثوابت عبر تيمات تتمثل في تحميل العمل التجريبي إمكانية تجاوز الخطوط الحمراء البنوية والشكلية من خلال ( جسد ، فضاء ، سينوغرافيا ، أدوات ) .. ومنها :
- تفكيك النص و إلغاء سلطته ، أي إخضاع النص الأدبي للتجريب ، والتخلص من الفكرة ليقدم حالة فنية وليس أفكارا أو ترجمة حرفية للنص ،وبالتالي خلق فضاء أوسع للأداء عبر صيغة ( بلو ليفونية) ذات دلالة معبرة .. كما توظف الإضاءة والحركة والرقص على حساب النص .
- المخرج هو المحور في العمل .
- الممثل هو أداة في تشكيل العرض الحركي وتتوزع مساحة السرد على الشخصيات وفق حوار مركب.
- السينوغرافيا هي البطلة : يتأتى دور التعبير الجسدي في توصيل الحالة الفنية وكأن الحركة هي اللغة التي يضاف إليها الإشارات والأدوات المتاحة لمحاكاة المتفرج ..
أسئلة مطروحة أمام المسرح التجريبي :
تقف أمام المسرح التجريبي كثير من الأسئلة الهامة التي تطرحها عروضه والتي كان آخرها في القاهرة ( المهرجان التجريبي السادس عشر ) ، ويحاول المسرحيون تجاوزها عبر مختبر العمل ، ومن هذه الأسئلة :
- لماذا لا تكون اطروحات العرض أكثر منطقية عبر توظيف عناصر العمل وفق توليفة متكاملة للغة والحركة والإشارة ؟
- ماذا عن الهموم المعاشة التي يبتعد عن تناولها بجرأة والتي تبعد الجمهور عنه ؟
- لماذا لا يستفيد من التراث الشعبي ؟
- ماذا عن الغموض ؟
- لماذا القسرية في إقصاء الخاص لصالح العام ؟ وهل يمكن أن ينجح ذلك ؟
- ماذا عن اللغة ؟ وهل هي عائق أمام انتشاره العالمي ؟
- ماذا عن المتلقي والقدرة على محاكاته ؟
بعيدا عن هذه الأسئلة يبقى التجريب ضرورة من ضرورات الحياة بمجملها ، والمسرح يطرح أسئلة كبيرة وهذه إحدى مهامه الأساسية ، ويعكس إلى حد كبير الهواجس التي تعتري باطن الإنسان قبل ظاهره ، ورغم الأسئلة المطروحة وجديتها ، يجد المسرح نفسه يحمل هم التجديد والتصدي لقضايا معاصرة ويوحد النظرة إليها عبر رؤيا متقدمة ،أو على الأقل رؤيا يمكننا من خلالها فهم ما يجري حولنا عبر صيغ جمالية وفنية ، لكنها في جوهرها تمثل جزءا من مكاشفة يتصدى لها المسرح كفن أزلي باقٍ مادام الإنسان موجودا .
إذن منذ البداية كان الجسد عبر الحركة معملا لتوليد إشارات وأفكار التقطها فيما بعد الإغريق وأسسوا مسرحهم التراجيدي لنقل أنشطتهم ( زراعة ، بناء ، بحث، حروب ، وأفكار..) إلى فرجة عبر المسرح ، ومنذ ذلك الحين والمسرح يشكل عنصرا فنيا أساسيا في المجتمع ، ويرصد جوانب مختلفة للحياته ، ومع كل مرحلة جديدة نجد أن المسرح يواكب تغيراتها وفق رؤى غير تقليدية ، و تبعا للشرط ( الزمكاني ) شهد هذه الفن قدرة كبيرة على التجدد من المسرح التراجيدي إلى الواقعي واللامعقول ومسرح الغضب ، والسياسي ، والاستعراضي ، والاحتفالي ، والآن التجريبي :
ظهور المسرح التجريبي :
في كل مرحلة من مراحل تطور المسرح تحمل بدون شك بعدا تجريبياً تتمثل إشكاليات تلك المرحلة وتعبر عن ظروفها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ..
جاء المسرح التجريبي ليؤكد قدرة المسرح على هضم التجارب السابقة وإعادة صياغتها وفق نهج جديد يتماشى والتطورات الهائلة التي تحدث ، والخروج من العلبة الإيطالية إلى الفضاء المفتوح ، وتناول عناصر العرض المسرحي التي وضعها ستانسلافسكي ( التكامل والتوازن بين الكاتب والمخرج والممثل والجمهور) بطرق مختلفة تماما ..
وبما أن أهم سمة لعالمنا المعاصر هي التحولات المعرفية والتي هدمت كثيرا من الحواجز و كانت مقدمة لولادة القرية المعرفية الكونية ، فجاء المسرح التجريبي ليواكب هذه التغيرات ،
و تزامنت ولادته في العالم كله دفعة واحدة تقريبا ، خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين ، لم يحمل شرف ولادته اسما محددا كمسرح اللامعقول على يد يوجين يونسكو وصموئيل بيكت وفرناندوا أرابال .. هو مسرح الكل بامتياز أوربي – عربي – أمريكي.. الكل ساهم ويساهم في تطويره ووضع خصائصه ..
خصائص المسرح التجريبي :
يمتاز المسرح التجريبي بتجاوزه لكل ما هو معلب ومألوف وسائد ومتوارث و الإيتان بالجديد واختراق الثوابت عبر تيمات تتمثل في تحميل العمل التجريبي إمكانية تجاوز الخطوط الحمراء البنوية والشكلية من خلال ( جسد ، فضاء ، سينوغرافيا ، أدوات ) .. ومنها :
- تفكيك النص و إلغاء سلطته ، أي إخضاع النص الأدبي للتجريب ، والتخلص من الفكرة ليقدم حالة فنية وليس أفكارا أو ترجمة حرفية للنص ،وبالتالي خلق فضاء أوسع للأداء عبر صيغة ( بلو ليفونية) ذات دلالة معبرة .. كما توظف الإضاءة والحركة والرقص على حساب النص .
- المخرج هو المحور في العمل .
- الممثل هو أداة في تشكيل العرض الحركي وتتوزع مساحة السرد على الشخصيات وفق حوار مركب.
- السينوغرافيا هي البطلة : يتأتى دور التعبير الجسدي في توصيل الحالة الفنية وكأن الحركة هي اللغة التي يضاف إليها الإشارات والأدوات المتاحة لمحاكاة المتفرج ..
أسئلة مطروحة أمام المسرح التجريبي :
تقف أمام المسرح التجريبي كثير من الأسئلة الهامة التي تطرحها عروضه والتي كان آخرها في القاهرة ( المهرجان التجريبي السادس عشر ) ، ويحاول المسرحيون تجاوزها عبر مختبر العمل ، ومن هذه الأسئلة :
- لماذا لا تكون اطروحات العرض أكثر منطقية عبر توظيف عناصر العمل وفق توليفة متكاملة للغة والحركة والإشارة ؟
- ماذا عن الهموم المعاشة التي يبتعد عن تناولها بجرأة والتي تبعد الجمهور عنه ؟
- لماذا لا يستفيد من التراث الشعبي ؟
- ماذا عن الغموض ؟
- لماذا القسرية في إقصاء الخاص لصالح العام ؟ وهل يمكن أن ينجح ذلك ؟
- ماذا عن اللغة ؟ وهل هي عائق أمام انتشاره العالمي ؟
- ماذا عن المتلقي والقدرة على محاكاته ؟
بعيدا عن هذه الأسئلة يبقى التجريب ضرورة من ضرورات الحياة بمجملها ، والمسرح يطرح أسئلة كبيرة وهذه إحدى مهامه الأساسية ، ويعكس إلى حد كبير الهواجس التي تعتري باطن الإنسان قبل ظاهره ، ورغم الأسئلة المطروحة وجديتها ، يجد المسرح نفسه يحمل هم التجديد والتصدي لقضايا معاصرة ويوحد النظرة إليها عبر رؤيا متقدمة ،أو على الأقل رؤيا يمكننا من خلالها فهم ما يجري حولنا عبر صيغ جمالية وفنية ، لكنها في جوهرها تمثل جزءا من مكاشفة يتصدى لها المسرح كفن أزلي باقٍ مادام الإنسان موجودا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق